تخيل أن يكون رزقهم فعلاً (من كيسك)!

قياسي

في أواخر شهر إبريل، اتصل بي خالد خلاوي ليخبرني بأنه رشحني لأكون متحدثاً في لقاء #تروشيه القادم وكان يريد الحصول على موافقتي. ماهي #تروشيه؟ سألت وكنت أعرف القليل عنهم فقال (ناس تسوي شغلات بأكياس التسوق وشكلهم كويسين)!

بعدها اكتشفت أنه هو أيضا قد تم ترشيحه بواسطة ياسر بكر.

المهم، جهزت عرضاً عن المسئولية الاجتماعية للأفراد وذهبت للموقع المحدد. بعد انتهاء العرض أعجبني إصرار فريق العمل على إحداث فرق في البيئة من جهة وفي توظيف سيدات لا يستطعن العمل بالصورة الاعتيادية من جهة أخرى – خاصة بعد مشاهدتي لهذا الفيديو الذي يعرف بفكرة #تروشيه http://www.youtube.com/watch?v=bvaZH29zIa8

قررت أن أعرف المزيد عنهم فنسقت لكي أزور معملهم وأفهم مالداعي لفكرتهم وكيف نشأت ومن خلفها وماهدفها الخ

قمت البارحة (مساء الثلاثاء) بزيارة مقر فريق #تروشيه. العنوان كان فيلا سكنية، بعد أن دخلت، لفت نظري (حبل الغسيل) الطويل فذهبت لالتقاط صورة له..Image

عندما التقطت الصورة، لاحظت أن هناك المزيد من حبال الغسيل!

Image

قادني حارس الفيلا إلى قبو سفلي للفيلا فبدأت أخاف من الأمر..

عندما دخلت قابلتني الأخوات ديانا وبدور وأبرار..

رحبن بي ثمن جِلن بي في أركان القبو لأرى عمليه التخزين والإنتاج..

هناك غرفة مخصصة لأكياس التسوق التي يتم تجميعها وذلك تمهيداً لغسلها ثم تنشيفها ونشرها على حبال الغسيل المحدودة في جانب من حوش الفيلا التي فيما بعد عرفت أن صاحبتها ريم بخيت تدعم فكرة #تروشيه بشكل كبير وأعطتهن المكان حتى يجدن موقعاً أكبر.

Image

بعدها ذهبنا للصالة الكبيرة المفتوحة التي كان بها أكياس كبيرة مليئة بأكياس التسوق التي تم غسلها وتنشيفها وتعقيمها وهي جاهزة لإرسالها لفريق العاملات من السيدات الاتي يسكن في بعض الأربطة والأحياء الفقيرة في جدة لكي يتم قصها لأشرطة طويلة يتم فيما بعد لفها على شكل كرة.

Image

أكياس التسوق بعد أن يتم تقطيعها على شكل شرائط ولفها على هيئة كرات تصبح بعدها جاهزة لعملية التصنيع باستخدام الكروشيه

وهنا يوجد شرائط جاهزة..

Image

ويوجد بالصالة أيضا أدوات الانتاج وبعض المنتجات التي تم الانتهاء منها..

Image

هناك أيضا أدوات (تصنيع) كانت موجودة في ذات الصالة مثل هذه المكينة التي تفرم الفلين ليتم استخدامه كحشوة لأكياس (بين باق) التي تظهر في أعلى الصورة أعلاه

ImageImage

بعد هذه الجولة السريعة، جلست لأطرح أسئلتي الكثيرة على فريق العمل..

بدأت بسؤال قذافي الصيغة (من أنتم؟)

قالت ديانا، الفكرة بدأت قبل سنوات وكان الدافع عندما حضرت عرضاً أظهر تأثير أكياس التسوق على البيئة ومدى الدمار الذي تحدثه هذه الأكياس ومن هناك بدأت أفكر في كيفية تخليص البيئة من هذا العدو ولكن في نفس الوقت خلق شيء مجد من ذلك.

سَمِعت عن عمل كروشيه بهذه الأكياس وهي لم تكن تعرف فبَدَأت بتعلم الكروشيه ومن هنا جاء وحي اسم (#تروشيه) الذي يجمع بين كلمتي تراش (نفايات) وكروشيه.

سألتها من يعمل معها؟

قالت سلسلة الإنتاج لديهم طويلة وبها الكثير من الأشخاض الذين يقومون بأدوار مختلفة..

تبدأ حالياً من (الحجّات) حيث يقمن بجمع هذه الأكياس من صناديق النفايات ويتواجدن عادة في الأحياء العشوائية مثل غليل. ثم عم عبده سائق الدباب الذي يدفعن له مقابل الذهاب إلى الحجات في أماكن تجميع الأكياس ليشترين منهن حصيلة الأكياس التي يجمعنها بالكيلو!

بعدها يتم تخزين أكياس التسوق داخل أكياس نفاية كبيرة في الغرفة التي رأيتها عند دخولي ثم يتم الاتفاق مع السيدات اللاتي يقمن بالغسيل للحضور ليقمن بعملية الغسيل في الغسالة ثم النشر لتنشف الأكياس. عندما سألتها لماذا لا ترسلون الأكياس لهؤلاء السيدات قالت إنهن يسكن في أماكن قد لا تتوفر فيها مساحة للغسيل ناهيك عن الماء والكهرباء.

بعد عملية التنشيف يتم جمع الأكياس وتعقيمها ثم يتم إرسالها لمجموعة من السيدات في الأربطة والأحياء الفقيرة لتتم عملية التقطيع على شكل شرائط يتم لفها لتكوين “كرات” يتم استخدامها من قبل السيدات الماهرات في عمل الكروشيه أغلبهن أيضا في الأربطة الخيرية لقيمن بتشكيل التحف الفنية المختلفة من هذا المنتج.

سألتها عن مدى فعالية عملية الغسيل والتعقيم في إزالة الجراثيم فقالت إنهن قد أرسلن عينات لمختبرات (الحوطي-ستانجر) وتم التأكد من ذلك – في عملي السابق في بروكتر آند قامبل كنا نتعامل مع هذه المختبرات ذات السمعة العالمية.

سألتها عن العوائق فقالت السيدة ديانا:

العائق الأول هو عدم وجود مقر كافي لفريق العمل. تقول تبرع أحدهم بفيلا قديمة لنستخدمها ولكنها تحتاج إلى ترميم وتشطيب لا يملكن تكلفته حاليا.

العائق الثاني هو اعتمادهن على الحجات في الحصول على الأكياس. رغم أنهم قد وضعن حاويات قليلة لجمع الأكياس في أماكن راقية في جدة إلا أنهن يواجهن صعوبة في جمعها لعدم وجود موارد تكفي لتعيين شخص يتولى هذه المهمة وسيارة لذلك.

العائق الثالث هو محدودية الأيدي العاملة الماهرة في أعمال الكروشيه خاصة في الفئة المستهدفة وهي العوائل الفقيرة بشكل عام. يستطعن القيام بتدريبهن ولكن هذا يحتاج لموقع مجهز وأدوات ومدربة وهذا يتطلب موارد مالية لا تتوفر حاليا. تقول السيدة ديانا أنها حاليا تقوم بالتنسيق لزيارة السجينات وعمل دورات تدريبية لهن لكي ينضممن لفريق العمل ويقمن بالاستفادة ماديا من فترة المحكومية وأيضا يمنح السجيبنة مهنة تستطيع أن تترزق منها مستقبلا.

العائق الرابع هو إضطرارهن للدفع مقدما للسيدات الاتي يعملن الكروشيه (بسبب حالتهن المادية) وهذا يجعل الفترة بين طلب المنتج وتسليمه طويلة وهذا يضايق العملاء. لو وجد لديهن وفر مالي لبناء مخزون من المنتجات بحيث يتم تسويقها وبيعها بشكل لحظي فإن هذا سوف يساعد على نمو الفكرة ويجعل العاملات منهمكات في صنع منتجات إبداعية بشكل مستمر بدلا من الانتظار لطلبيات محددة.

سألتها عن قائمة المنتجات الحالية فقالت بدور ليس لدينا حدود فيما نستطيع أن ننتجه، لدينا البين باق، غطاء للكمبيوتر، كرات سترس بول، ومظلات حدائق وفرشة يوقا أو تمارين رياضية، شنط يد، قبعات وغيرها الكثير.

ImageImageImageImage

سألت ديانا وبدور، كيف يرين مستقبل هذه المبادرة؟

قلن بنبرة بها الكثير من التفاؤل، لو نظرنا لعملية جلب المواد الأولية إلى المنتج النهائي، القيمة الكبرى هي العمل الفني باستخدام فن الكروشيه، البقية سواء الجمع أو الغسيل والتنشيف والتعقيم أو التقطيع ليست فعلا مهن ذات قيمة..نظرتنا في المستقبل أن نجد آليات أسهل وأسرع وأوفر لجميع الأكياس – ربما بواسطة وضع حاويات في المدارس وجوار المساجد لحث الناس على وضع أكياس التسوق بها بعد تفريغها وهذا سوف يقلل الحاجة لغسيل كامل الكميات (مما يوفر بيئياً بتقليل استخدام الماء والمنظفات الكيميائية والكهرباء) – وطريقة أسهل لعملية التقطيع على هيئة شرائط – ربما بواسطة آلة إما موجودة أو يتم تصنيعها بواسطة خبير في هذا المجال – ثم أن يكون لدينا شبكة كبيرة جدا من السيدات في الأربطة والأحياء الفقيرة والسجون ماهرات – بعد قيامنا بالاستثمار الأمثل في تدريبهن – يقمن بصنع تحف فنية يتم تقديرها من المجتمع وخاصة الناس المؤثرين في الرأي العام.

فاجأتها، كم تكسبين من هذا المشروع؟ ضحكت وقال بل قل كم أصرف عليه. هذا المشروع خيري لا يهدف للربح ويسعى بالمقام الأول لتعليم الكثير من السيدات اللاتي يحتجن لدخل إضافي على فن الكروشيه بحيث نستطيع تشغيلها لتستفد.

استأذنت الأخوات مغادراً وفي نفسي إكبار لإصرارهن وتصميمهن ورؤيتهن الكبيرة لهذا المشروع البيئي الإنساني.

تخيل أن يكون فعلاً رزق بعض الأسر الفقيرة من (كيسك).. http://www.youtube.com/watch?v=2xt85US-How

آمل منك أن لا تكتفي بقراءة هذه التدوينة ونشرها فقط بل التفكير بطريقة تجعلك شخصياً تساعد في دعم هذه المبادرة، تستطيع أن تطلب منتجات بتصاميم معينة لتعرضها في مكتبك أو بيتك أو محلك التجاري، تستطيع المساعدة في كيفية نشر حاويات جمع الأكياس وجمعها، إذا كنت مهندساً ميكانيكيا، قد ترغب في تصميم ماكينة تقطيع الأكياس على هيئة شرائط، إذا كنت مقاولاً قد ترغب في تهيئة الفيلا التي تم التبرع بها لكي يستخدمها فريق العمل كمقر دائم، إذا كنت مقتدراً قد ترغب بدعم الفكرة مادياً لتقف على أقدامها بثقة، إذا كنت إمام مسجد تستطيع وضع صندوق لجمع الأكياس وحث الناس على ذلك، إذا كنتِ مديرة مدرسة، ضعي حاوية لجمع الأكياس بالمدرسة وحثي الطالبات على إحضار أكباس التسوق من البيت ووضعها فيها، إذا كنت صاحب مصنع أكياس بلاستيك فتبرع لهن بالرجيع أو القطع التي تنتج من العملية التصنيعية، لو كنت مشهوراً ومؤثراً في المجتمع فاستخدم منتجات #تروشيه وفاخر بها لكي ترفع من قيمتها في أعين الناس وتصبح مطلوبة.. لايوجد حدود لكيفية دعم هذه الفكرة..

وأنا في طريق خروجي شاهدت شيئاً آخر له علاقة بإعادة استخدام المنتجات بطريقة إبداعية..طاولات من كفرات السيارات والشاحنات!

Image

4 رأي حول “تخيل أن يكون رزقهم فعلاً (من كيسك)!

  1. مشاء الله اصرار وابداع وافكار رائعه اتمنى لكم التوفيق والاستمراريه ..
    وانا بكل صراحه شدتني الفكرة بحد ذاتها وانا على استعداد لاي مبادرة استطيع عملها من جهتي بحاول احضر محاضرتكم عشان افهم اكثر ولكمم مني اي دعم استطيع عمله لوجه الله

اترك تعليقاً على التدوينة

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s