بترول جازان ينمو على الشجر

قياسي

يوماً بعد يوم نكتشف سوياً المقومات الاقتصادية لمنطقة #جازان التي تجاهلتها خطط التنمية لعقود مضت. موجة الاكتفاء الذاتي من القمح ألقت بنفسها على رمال منطقة القصيم فتحولت لدوائر خضراء كل هدفها بيع الغلة لصوامع الغلال بسعر يفوق سعره عالميا وأدوات إنتاجه ممولة من قروض الدولة حتى اذا ما نضبت مياهنا الجوفية، اعترفنا اننا هدف الاكتفاء الذاتي من القمح لم يكن هدفا منطقيا في بيئة لا أنهار فيها ولا أمطار دائمة.

تطوير البنى التحتية بميزانياته المليارية تركز في مناطق خط الثراء الذي يقطع مساحة المملكة من شرقها لغربها، الشرقية-الوسطى-الغربية.

في هذه الأثناء، ظهرت منطقة جازان على خارطة الأحداث محلياً وإقليميا وعالميا بوباء حمى الوادي المتصدع الذي حصد من أرواح أبناءها المئات في أكثر الروايات تحفظاً وتحولت معه المنطقة الى محجر صحي كبير وكانت توصيات خبراء الصحة وقتها تتركز على منع تنقل الحيوانات الحية لكي لا ينتشر. وان كان منطقيا، هذا القرار كان عبئاً اقتصاديا إضافيا على المنطقة التي ‘بها ما يكفيها’. منع تنقل المواشي قتل الاسواق الشعبية التي تحتضنها حواضر المنطقة والتي كانت من اهم المحركات الاقتصادية.

بعد وباء حمى الوادي المتصدع، انتبهت الدولة للمنطقة ورأت أنه آن الأوان لإعطائها بعض الاهتمام وان كان شكليا في البداية بتعيين أمير من الأسرة الحاكمة كأمير للمنطقة ولكن هذا صاحبه ضخ ميزانيات تركزت على تحسين البنية التحتية والتي كان أهمها الطرق والمواصلات التي هي شريان المنطقة التي تتألف من مئات القرى المتناثرة حول حواضرها المعروفة كمدينة جيزان وأحد المسارحة وصبيا وأبي عريش. شبكة الطرق التي تعثرت كثيرا في السابق مالبتث ان شملت اغلب القرى.

خلال هذه الفترة انتبه القحاطين من سكان منطقة عسير وتوجهوا لمنطقة جازان كمستثمرين يسيطرون اليوم على كثير من الخدمات كورش الصيانة وورش الحدادة ومواد البناء ثم انتعش العقار وبدأت المخططات تلو المخططات تعتمد وتطور وتباع.

على هامش هذا الحراك الاقتصادي، بدأ أثرياء المنطقة بزراعة المانجو في مزارعهم في الريان وأبي عريش كهواية مالبثت ان تحولت لصناعة مهمة انتبه لها الكثير فانتشرت مزارع المانجو في جميع سهول المنطقة حيث يتم زراعة وإنتاج افضل أنواع المانجو ويقام لذلك مهرجان سنوي كبير تحتفل به المنطقة وان كان تسويقه داخليا دون المأمول ويعتمد على مبادرات فردية في الأغلب (انظر تدوينتي ملوك المنجا..الآن في تويتر

سيطر المانجو على سهول المنطقة بينما جبالها بقيت مرتعا لمزارع القات الذي يعتبر بحق محرقة للناتج المحلي للمنطقة ومدمرا للإنتاجية. القات التي يتم زراعته في جبال فيفا والداير كان جله يستهلك في المناطق الجبلية حيث كان القات اليمني يجد طريقه بسهولة لسهول المنطقة بل لجميع مناطق المملكة حيث ان تجارة تهريبه رائجة بسبب عوائدها المالية المجزية وبسبب غزارة الانتاج حيث يتم قطف وريقات الشجرة مرات عديدة خلال السنة بعكس أشجار الفاكهة الموسمية.

20131206-051250 pm.jpg

سكان الجبال يشتكون من أن جبالهم خالية من المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية ولا سيما الطرق الجبلية مازالت دون تلك في جبال عسير ومكة المكرمة. مع بدء توسع مشاريع البنية التحتية في جبال المنطقة وقيام الدولة بمنح حوافز مادية لتشجيع مزارعي القات للتخلص من أشجارهم واستبدالها بشتلات أشجار البن الخولاني المشهور بجودته حيث يزرع في منطقة خولان باليمن. بدأ المزارعون بين مقتنع وبين متردد في تصديق التوجه الحكومي والجدوى الاقتصادية من زراعة البن مقارنة بزراعة القات وشيئا فشيئا بدأت شتلات البن تنتشر فوق سفوح جبال المنطقة حتى تجاوزت ٧٠ ألف شجرة يملكها ٦٠٠ مزارع من مزارعي المنطقة يتجاوز إنتاجها السنوي ٥٠٠ طن.

هذا العام تمت إقامة أول مهرجان لبن جازان في جبال منطقة الدائر.

20131206-051435 pm.jpg

20131206-051446 pm.jpg

20131206-051453 pm.jpg

20131206-051501 pm.jpg

20131206-051508 pm.jpg

20131206-051515 pm.jpg

مرة أخرى، التسويق في مجمله يرتكز على الجانب الرسمي ولم يتم “مأسسته” ونقله لجميع مناطق المملكة لتعظيم الفائدة الاقتصادية مما ينتج عنه تشجيع المزارعين في التوسع في زراعة البن وزارعة المانجو في منطقة زراعية بطبيعتها تهطل على سفوحها الأمطار بشكل شبه دائم.

المبادرات الفردية ومنها مبادرة متجر مانجو جازان للمبادر عبدالرحمن الساحلي مازالت هي الشموع المضيئة في المنطقة التي لم تحظ بعد بالدعم الحكومي النوعي.

البارحة، جمعني عشاء بالأخ عبدالرحمن الساحلي الذي فاجأني بأنه قد قام بتصميم عبوة أنيقة كهدايا تحتوي على بن جازان.

20131206-051753 pm.jpg

20131206-051739 pm.jpg

انشروا هذه المبادرات الفردية وشجعوها وأوصلوها لمسئولي منطقة جازان ووزارة الزراعة ووزارة التجارة لعل وعسى..ألا ترون بترولنا ينمو على الشجر؟