(4) رحالة الصحراء – مافيه روه، لازم قهوة إند أمي!

قياسي

استيقضت الساعة ٥ صباحا وقد سبقنا كالعادة عباطة الرمالي وعلي السوداني وكانت القهوة جاهزة وكذلك الشاي والحليب بالزنجبيل وعلب التمر وانضم لي طارق السديري والدكتور بدر ومحمد القويز وعلى نقيض اليوم الماضي لم نجد عبدالعزيز الذي استيقظ بعد الفجر وكان يتحدث عن كيس النوم البديل باستمتاع وأنه لم يحظ بنوم كنوم البارحة حتى في بيته واتمنى أن لا تقرأ زوجته هذه المدونة حتى لا نزيده على ما حصل عليه من تعليقات اثناء الرحلة!

ونحن حول النار بدأ الدكتور يتحدث عن أنه كان يسمع فيما يسمع النائم صوتي (يلعلع) ليلة البارحة وهذا أعطى عبدالعزيز فرصة لتأكيد وجهة نظره بأني لم أكن أعطيه فرصة للحديث في موضوع السعودة الساخن الذي تم نقاشه بواسطة شخصين ينفثان السيجار الكوبي في الصحراء المقفرة!

بعد الفطور المعتاد من الفول والجمرية بدأ كل واحد بجلب جمله أو ناقته من مكانها وفك قيودها ومن ثم أناختها وربط يدها والبدء بوضع (الخرج) على الشد بمساعدة بعضنا البعض نظرا لثقل مافي الخرج ثم تثبيت شناطنا عليها ومن ثم الانطلاق وانطلقنا في الموعد المحدد الساعة ٨ صباحاً بناء على تعلميات مشددة من قائد الرحلة الليلة الماضية!

مازن يفك جمله (حيدر)

بعد حوالي الساعة من سيرنا سمعنا نباح كلب وبعد محاولات (دربلة) لمحنا من بعيد راعياً للغنم على مسافة غير بعيدة كثيراً من خيمة يتمية في وسط الرمال فاتجهنا للراعي وقد تفاجأنا من تطبعه بطبع رب عمله حيث بدأ يعزم علينا ويصر أن نتقهوى لدى كفيله وكان الراعي بنغاليا..وكان إصراره على أن نتقهوى لدى عمه بقوله (مافيه روه، لازم قهوة إند أمي) فسأله دليل الرحلة عن عمه فأخبره باسمه فيبدوا أنه عرفه ولمح من بعيد جملاً فحلاً مربوطاً بجوار الخيمة فلمعت له فكرة أن نعرج لنتقهوى لديهم وفي هذهالأثناء نأخذ إحدى النوق ليتم تلقيحها بواسطة هذا الفحل المشهور المستفحل!

تقدم الراعي ركظا للخيمة وخرج عمه مرحباً بنا وأجلسنا في مجلس بيت الشعر وكانت – وهذا دليل على كرم البدو وتأصل ذلك فيهم -القهوة جاهزة!!!!!!!! هذا الرجل المسن (اسمه ضبيب الرمالي) كان مستعداً للضيوف وجلس يجهز دلة أخرى والحمد لله أن زوجاتنا لايعرفن أن من يطبخ القهوة والشاي للضيوف هو الرجل حتى لا نخسر متعة الصياح كلما جائنا احد ‘سوي القهوة والشاي ياحرمة’

في ضيافة ضبيب ويبدوا الراعي البغالي الكريم

كان العم ضبيب يجيب على تساؤلاتنا ويسأل عن أحوالنا وكان محمد القويز هو متحدثنا الرسمي حيث ادعى أنه قرأ قبل الرحلة كتاب ‘كيف تتكلم بدوي في يومين’ بينما الشخص الضليع بلهجاتهم فعلا هو طارق السديري ولكني تفاجأت من سؤاله للمضيف سؤالا جعلني افتح فمي حيث سأله ‘ما طاح عليكم شي ياعم؟’ فكنت أسأل نفسي مالذي يمكن أن يطيح على هذه الخيمة في وسط الصحراء ولم المح برجاً يبنى بجوارهم ولا أتوقع أن الطائرات تتساقط بشكل مستمر هنا لتصبح ظاهرة يتم السؤال عنها!

جواب الرجل كان ‘ماهنا مطر لكن الخير عند الله’! فقط حينها عرفت أن سؤال طارق كان عن المطر!

في هذه الأثناء قام علي السوداني بزفاف الناقة للفحل بعقد ‘مسفار مصحار’ ونسأل الله أن يرزقها منه بكرة ترث مواهب أبيها لتفوز بالسباقات حيث أشار دليل الرحلة إلا أن واحدة أو اثنتين من بنات هذا الفحل الشهير فزن بسباقات!

بعد أن انتهى الجمل من مهمته وأنتهينا من شرب القهوة وأكل التمر والتقاط الصور تملصنا بصعوبة من ضبيب الرمالي الذي كان يصر على أن نتغدى ونبيت لديهم (ويقول البدو “أمرحوا عندنا” بكسر الراء ويعني بيتو عندنا) وادعينا أن هناك مجموعة قبلنا تجهز الغداء ويجب أن نصل اليهم في الوقت المناسب!

من هذه اللحظة قررت أنا والدكتور بدر أن نكمل يومنا مشياً على الأقدام وهو يحمل جهاز تحديد المواقع وأنا اتبعه فافترقنا عن الجمال لنقطع طريقاً موازياً لهم في أرض وعرة لا تستطيع الجمال المشي فيها ونتابع قافلة بقية الرحالة من بعيد وكان الدكتور قد تخلى عن بوته الصحراوي بعد تقرح إصبعين في قدميه ولبس شرابين يمشي عليهما وأنا امشي بحذاء رياضي مالبثت أن تخليت عنه أيضاً بسبب بداية تقرحات باصابعي وكنت أمشي خلف الدكتور وكالانا ننظر لموضع أقدامنا خوفا من الأشواك ببطون الأودية ومن المضحك أنه عندنا يعلق بشرابه نوع دائري من الأشواك أرى شكلها في آثار أقدامه وكنت اقول له أكثر من مرة عندك حبتين في اليمين أو حبة في اليسار ويتوقف ليزيلها ويواصل السير..

د. بدر يطوي الصحراء على قدميه

وكنا على هذا الحال حتى ساعة الراحة في الظهر حيث أنخنا الجمال وطبخنا الشاي الذي شربناه على ما تبقى من جمرية الفطور وصلينا وواصلت أنا والدكتور المشي بعد الغداء وقبيل المغرب بساعة ونصف وجدنا أننا قد ابتعدنا عن مسار قافلة الجمال المتعرج لتتلافى الأماكن الوعرة وكنا بالكاد نراهم فقررنا أن نمشي بهدف التقاطع مع طريقهم قبل الساعة ٥ حتى لا نضيع منهم ويحل الظلام لأن ظهور القمر أصبح متأخراً وقد قابلناهم قبيل ساعة الوقوف المعتادة وكنت أنا والدكتور منهكين بشكل كبير حيث مشينا طوال اليوم ماعدا الساعة التي سبقت وصولنا لخيمة ضبيب الرمالي!

بعد المهام المعتادة عند الوقوف من إنزال الأغراض عن ظهور الجمال وجمع الحطب وتجهيز مكان النومن بدأ طبخ العشاء وتعشينا ثم بدأنا نتسامر حول أكواب الشاي والقهوة – وقد طلبنا من عباطة الرمالي أن يطبخ الشاي بدون سكر حيث يضع كل شخص المقدار الذي يناسبه من السكر لأن عباطة يطبخ شيئا اقرب للدبس منه للشاي – ودار نقاش حول هيئة الاستثمار والمدن الاقتصادية كنت فيه في خانة الدفاع وقاد الهجوم مازن الجبير في رأس الحربة يساعده على الأجنحة عبدالعزيز العمران وأحيانا القويز الذي كان يوحي بأنه محايد ولم يساعدني سوى الدكتور بدر بينما التزم فهدالحياد 🙂

روح التعاون بين عبدالعزيز والقويز في إنزال الأغراض

التسامر حول نار المخيم

بعد هذا النقاش همس الدكتور بدر لطارق ثم عرفنا أن الدكتور مضطر للمغادرة للرياض بعد العشاء من اليوم التالي لأمر هام فقام طارق بالتنسيق ليقوم شخص بتقفي أثرنا والحضور ليلاً ليقل الدكتور لمدينة حائل حيث يستقل طائرة تتجه لجدة ومنها للرياض..

عندنا عرفنا أن شخصاً ما سوف يأتي مساء الغد من الجهة الاخرى حيث البقالات والمطاعم بدأت تظهر علينا الأعراض الانسحابية لنقص مستوى الكولا في الدم وخاصة مازن الجبير الذي بدأت عليه أعراض أخرى مثل الهذيان حيث كان يسأل عن توصيل دومينوز بيتزا وايسكريم كون زون ومطاعم هرفي!

اتفقنا في الاخير أن نطلب على استحياء شديد كرتون بيبسي وكرتون دايت بيبسي وكم حبة دايت سفن اب للعبد لله 🙂

بعدها توجهنا لاماكن نومنا ككل ليلة حوالي٩:٣٠ مساء..وقد قضينا وقتا نتأمل المنظر الرائع للنجوم..

يتبع ((5) رحالة الصحراء – اختبار الرجولة لدى عباطة الرمالي)

4 رأي حول “(4) رحالة الصحراء – مافيه روه، لازم قهوة إند أمي!

  1. Munira

    قرأت كل الاجزاء السابقة…..شئ رائع وممتع …بس عندي سؤال : الناقة حملت والا لا؟ ووش كان اسمها ؟ عيده والا السياحية ؟ 🙂

اترك تعليقاً على التدوينة

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s