بعد الوصول من الرياض لمدينة جدة مساء الثلاثاء ٢١ ديسمبر، تم استكمال النقاش السابق بين الزوج وزوجته الذي حجب الرقيب تفاصيله..
الشنطة كانت تقريباً جاهزة وكنت أقرأ قائمة التجهيزات المقترحة التي أرسلها محمد القويز للتأكد من عدم نسيأن أي شيئ على أن لا نتجاوز شنطة واحدة تحمل على الظهر وهي معادلة كادت أن تكون مستحيلة رغم أنني عمدا تجاهلت الأدوات التي كنت آعتقد – بسبب تربيتي الجازانية – أنها تنتقص من الرجولة ومنها مرطبات البشرة والشفايف ومافي حكمها!
استيقظت من النوم صباح الأربعاء بعد ذهاب زوجتي للجامعة وبناتي للمدرسة وقمت بتغيير ملابسي وتوجهت للمطار!
أول شيئ اكتشفته في المطار أن خط الرحلة هو جدة -المدينة – سكاكا مع أنها على موقع الخطوط السعودية تظهر أنها رحلة مباشرة.. الشيئ الآخر هو تأخر الرحلة في الإقلاع من جدة وقد كنت حريصا على إرسال رسائل نصية لمحمد القويز حتى لايتركوني ويذهبوا بدوني!!!
وصلنا المدينة المنورة وبعد التوقف لفترة قصيرة انطلقت الطائرة لمدينة سكاكا التي لم يسبق لي أن سافرت لها وبعد هبوطها حملت شنطتي على ظهري حيث وضعت كيس النوم في كيس بلاستيكي منفصل وهبطت سلم الطائرة بلبسي الصيفي المكون من جينز وتي شيرت وكاب (قادم من جدة الدافئة) لأجد محمد القويزوبجواره شخص آخر فسلما علي ثم صحباني لصالة كبار الزوار بالمطار (وكانت تجربتي الأولى والوحيدة في الدخول لمثل هذه الصالات البرجوازية!!) فدخلت فإذا أنا الوحيد الذي لا يلبس ثوباً وشماغاً رغم أن معظمهم كان يلف الشماغ حول راسه كالطريقة الاماراتية فعرفاني ببقية أعضاء المجموعة، عبدالعزيز العمران وابن عمه فهد العمران ومازن الجبير ود. بدر البدر ثم سلم علي شخص آخر عرف عن نفسه أنه مندوب أمارة المنطقة ورحب بي ثم أهداني (أو شرهني) فروة للبرد وكتيب وسي دي عن المنطقة وهذا فسر لي حمل كل شخص من رحالة الصحراء الذين سبقوني بالوصول لفروة عندما دخلت الصالة حيث أن ذلك لم يرد في قائمة الأدوات التي نحضرها والتي أرسلها لنا محمد القويز مسبقا!
بعد شرب القهوة تم حمل متاعنا لتوضع في سيارة مرافقة ثم أنطلقنا نحن إلى متحف المنطقة لجولة به على أن ننطلق بعد ذلك لنقطة الانطلاق!
أثناء دخولنا المتحف كان به مندوب عن المحافظة وأشخاص من المتحف ولم يأخذ منهم وقتاً كثيراً لنصيحتي أنني (مصيف على الآخر في ملابسي!)
أثناء الجولة في المتحف استرقت النظر لغرفة كان بابها نصف مفتوح (لأني شخص متفائل لم اقل نصف مغلق) وإذا أمامي تبسي (صحن كبير) به ذبيحة كاملة ورز وتناثر حول التبسي الفواكه والمشروبات الغازية والماء فقلت وقتها أن حميتي الغذائية التي بسببها رغبت في المشاركة بهذه الرحلة سوف تكون نهايتها وخيمة!!
جلسنا في مجلس كبير دارت به أكواب الشاي والقهوة والتمر وكيك التمر المصنوع محلياً من الدخن والتمر ثم بعدها قام المرشد بشرح تاريخي عن المنطقة وما بها من آثار وأهمية موقع الجوف وكنا نحتسي القهوة والشاي اثناء الجولة في المتحف!
وبعد الانتهاء من الجولة في المتحف تم دعوتنا للغداء الذي قامت المحافظة بإعداده على شرف رحالة الصحراء.
بعدها ركبنا السيارة التي سوف تقلنا لنقطة الأنطلاق وكان أول عمل قمت به بعد ركوبي السيارة هو لبس جاكيت ثقيل نسبياً تلافياً لأي تعليقات إضافية بأني مصيف في الشتاء!
وصلنا لنقطة الانطلاق خارج دومة الجندل اسمها ‘نية مطير’ بتشديد الياء وهناك وجدنا منظم الرحلة وقائد المجموعة طارق السديري الذي رحب بنا أجمل ترحيب وكان معه دليل رحلة تجربة الجمال (قدما في رحلة معاكسة من مدينة حائل إلى دومة الجندل) ودليل رحلتنا ابو عطاالله (عباطة الرمالي) والزول الطيب علي السوداني الذي كان الجندي المجهول في الرحلة!
قام قائد رحالة الصحراء بشرح الخطة وطلب من كل شخص تجهيز مكان نومه قبل الظلام وحبذا لو يتم الاحتماء بشجيرة لتصد الهواء البارد فتوزع أعضاء الفريق ليضع كل منهم عدته بجوار شجيرة ثم وضع كل واحد فروته على جسمه وتحلقنا حول النار لننعم بالدفئ ونحتسي القهوة والشاي ونتسامر بينما بدأ ابوعطا الله وأبو محمد (الزول علي) بتجهيز العشاء من كبسة لحم الحاشي المجفف (يسمى قفر) بفتح القاف والفاء على نار بجوار النار التي تحلقنا حولها ومن ثم قمنا للعشاء لتجربة القفر الذي ذقته لاول مرة وتجفيف اللحم من الامور المهمة في الصحراء لكي لا يفسد اللحم بسبب عدم وجود الثلاجات.
بعد العشاء جلسنا ‘نتعلل’ أي نسولف وبدأ دليل رحلة الاختبار ابو فايز بسرد الألغاز الشعرية وهي وسيلة ترفيه تلقى رواجاً في البادية وحل الألغاز يدل على ذكاء الشخص وسرعة بديهته..
كلما قال لنا لغزا شعريا نفشل في معرفته وكان فريق المدن مهزوماً شر هزيمة فأخذت الآيفون – كنا في منطقة مازال بها تغطية للشبكة – و(قوقلت) بعض الألغاز الشعرية خلسة بدون أن يلاحظني أحد ثم سألتهم عن لغزين بنفس صيغة السؤال المعتادة لمثل هذه الألغاز:
(أنشدك عن) عذرا لها حبل وخطام *** تنزف غزيرالدم ساعة غرقها
وجوابه هو كيس الشاي الليبتون، وقد فرحت من عدم قدرة ملوك الألغاز الشعرية علی معرفة الإجابة.
ثم لغز آخر:
أنشدك عن بنت لها رجلين *** رجل يجامعها ورجل يناظرها
اللي يجامعها يضغط عليها زين *** واللي يناظرها يعلمك بسرايرها
وهو وإن بدى لأول وهلة أنه لغز جنسي فإن جوابه كفر السيارة والزوجان هما المنفاخ ومقياس ضغط الهواء.
لم يستطع البدويان حلهما وهذا الدفاع عن شباب (المدن والهمبورجر) اشعرني بنشوة وإلا في الواقع أنا (من جنبها) في ألغاز الشعر:)
أنتثرنا لأماكننا بعد التسامر وكلٌ اندس بداخل كيس نومه وكنت أرمق الدكتور بدر الذي كان على مسافة ٣٠ متراً عن يميني وقد وضع على رأسه عصابة يشع منها ضوء حيناً أبيض وحيناً أحمر ولا أظن ذلك إلا المدعو (إنفرا-ريد) وكان يقرأ كتاباً مكتوباً بلغة الفرنجة رأيته في يده أول الليلة!
قمت بوضع المنبه على الساعة ٥:٣٠ صباحا حتى استيقظ باكراً.. يتبع ((٣)رحالة الصحراء – هل تختار الجمل المناسب لك على طريقة فيلم أفاتار؟)