(٨ والأخيرة) رحالة الصحراء – انطباعات ما بعد الرحلة

قياسي

بعد وداع بقية الرحالة في مطار حائل وعودتي لغرفتي في الفندق وحيداً انتظاراً لرحلتي لمدينة جدة في الغد.. جلست أتأمل في مالذي استفدته من هذه الرحلة..وهذه الانطباعات ليست مرتبة من حيث الأهمية..

١. ليس شرطا أن لا تذهب في رحلات إلا مع من تعرف! التعرف على شخصيات جديدة هي متعة بحد ذاتها وأنا هنا لا أتكلم عن رفاق الرحلة فقط بل كل شخص قابلته خلالها بما فيهم الراعي البنغالي وعباطة وعم علي وضبيب!

٢. مفهومنا عن نظافة الاكل أو الـ(فود هايجين) خطأ! لو أننا بمطعم فاخر وقام الجرسون بعصر الليمونة بيده على طعامك لرفضت أكله.. لقد كنا في الصحراء نأكل خبزاً يدفن تحت الرماد والتراب ويعجن بدون ‘قلوفز’ على يدي الزول الطيب.. ومع هذا لم نتأفف ولم نصب بإسهال! اعتقد في المدينة قلقنا من نظافة الأكل يعتمد على الناس من حولنا والمكان الذي نحن فيه، اذا كنا بسيطين بين اناس بسطاء في مكان بسيط فإن الامور تصبح ‘عادية’!

٣. المدنية سجن يجب الخروج منه بين فترة وأخرى! كنت مستلقياً في فراش غرفتي بالفندق أتأمل سقف الغرفة الابيض الجبسي بينما كنت في الليلة التي قبلها أنظر لسقف غرفتي المرصع بالنجوم اللامعة في ذلك الفضاء وكنت ليلتها أنام في أكبر غرفة على الاطلاق!

٤. الخروج من منطقة الراحة (كومفورت زون) يساعدك على رؤية الامور بشكل مختلف، بشكل افضل! كل منا تعود على الروتين القاتل.. نفس السيارة، نفس الطريق، نفس المسافة، نفس الوقت .. لابد ان نخرج لنعيش الاحتمالات المختلفة.. لنجرب فقدان التحكم في بعض المتغيرات التي لن تقتل أحدا..

٥. هذا العالم أكبر من بيوتنا وشوارعنا وأحيائنا ومدننا.. نعرفه فقط عندما نخرج للصحراء عندنا لا تتميز الاتجاهات بشيء!

٦.الانسان أكبر مدمر لما يحب! لم اأصور أن أجد نفايات غير نفايات الحيوانات في صحراء النفود ولكن كمية الأسلاك الحديدية (يتم ربط حزم البرسيم بها) في كل مكان، علب المشروبات الغازية، عبوات الماء البلاستيكية الفارغة، أكياس.. عجيب أمر هذا الانسان!

٧. الكرم معد! انظر لحالنا في بيوتنا الخرسانية لو زارنا شخص نعرفه بغير موعد لبدا علينا عدم الارتياح فما بالك بشخص لا تعرفه فإنك قد تنظر له من خلال العين السحرية ولا تفتح له الباب أصلا! أقارن هذا بحال الراعي البنغالي في تلك الصحراء وهو يصر علينا ان نمر لنتقهوا لدى كفيله! لقد تعرض ذلك الراعي للعدوى.. سوف يتم ترحيله لو انتقل لكفيل في المدينة بمجرد أن يحضر له أول ضيف!!

بهذا تنتهي سلسلة مدوناتي عن رحلة قطع صحراء النفود على ظهور الابل ومشياً على الأقدام..

أشكر الاخ محمد القويز على دعوته لي لهذه الرحلة وأشكر الأخ طارق السديري الذي بذل مجهودا كبيرا ليمكنني من الانضمام للرحلة وبذل مجهودا جبارا في تنظيم وقيادة الرحلة والرحالة واشكر الاخوة مازن الجبير وعبدالعزيز العمران وفهد العمران ود. بدر البدر على منحي الفرصة للتعرف عليهم بشكل أفضل وتحمل ثقل دمي أحيانا وتعليقاتي الساخرة وأشكر الزول الطيب علي على معاونتنا وعلى طبخه الرائع واشكر عباطة الرمالي على روحه المرحة ونصائحه الطبية التي لن اطبق منها شيئاً واشكر اهل الكرم الشمالي واشكر من تابع هذه المدونات التي حاولت ‘تمطيطها’ لإضفاء حالة من الترقب..

الشاعر ناصر القحطاني مدح شمّر في قصيدة رائعة ولا اعتقد انه اوفاهم حقهم..

الشمس غابت وكل دور اسراجه
والشوق جمّر ماحرّ الشوق لا جمّر
دام اتجاهك شمال مودعك حاجة
سلم على حايل وسلم على شمّر
قدامك الخافق اللي ينشد علاجه
كنّه معلّق على برزان ومسمّر
وانت اتعرف يا بعد حيي من تواجه
بيضان الأفعال لا من الزمن سمّر

الى ان يقول:
مانيب متحسف بشعري على حاجة
الا أني اروح ولا غنيت في شمّر!

11 رأي حول “(٨ والأخيرة) رحالة الصحراء – انطباعات ما بعد الرحلة

    • نصائحه تم ذكر أغلبها في التدوينة ومنها عدم أكل الفواكه نهائياً لأنها “للحريم” ويجب شرب الشاي مع كيلو سكر لأنه زين للرجل ولا يجب الذهاب للدختور نهائياً لأنه يجيب المرض!

  1. If I ever had the chance to go on a trip like this, I would! but that is after they put portable toilets with head showers across the desert. Yes, they would have a water supply somehow!.
    But this has been a great read! Thank you for documenting your journey.

  2. ١. السفر مع اناس تجهلهم و بعدين يطلعوا من ذوي الطباع الصعبة اعتقد هو اللي يوصفوه ب”قطعة من الجحيم” ربنا ستر و طلعوا رفقاءك حبايب 🙂

    ٢. الصحراء لازالت نقية و جوها كفيل بالقضاء على اي جراثيم … في المدينة كلام تاني

    جميلة جدا عادة العزايم على آطباق الفاكهة …. حسيت انهم سو سوفستوكيتد 🙂

    ومرة أخرى شكرا لك على اخذنا معك في رحلتك…. بس اهم سؤال ما جاوبتنا عليه لسه!! نقص وزنك ولا البيبسي خرب الموضوع 🙂

    • ليلة رأس السنة كان وزني 69 كيلو حيث نزلت حوالي 2 كج خلال الرحلة لأني مشيت 80% من المسافة على رمال وهضاب وبعدها بشهر أقلعت عن التدخين وفي مارس شاركت في ماراثون جدة-موبايلي وقطعت الـ20 كيلو ومازلت أهرول بشكل منتظم لليوم

  3. Sakhr AlMulhem

    great blog abu jana!! you made me remember the good old days. i have been to “alnofoud” in several occasions. and love what it has to offer. i believe you described it very well, and now you know where and with whom i grew up; great people great environment.
    wish you all the best, and please don’t forget to say hi to Tarek when you talk to him.

    see you soon, god bless.

اترك تعليقاً على التدوينة